تبدد الشخصية و تبدد الواقع

اسم الكاتب

الفريق الطبي

مدة القراءة

2 د

Image

ما هو تبدّد الشخصية وتبدّد الواقع؟

قد تكون صادفت في سياق الحديث عن الصحة النفسية أو أثناء قراءتك عن بعض الاضطرابات عبارات مثل تبدّد الشخصية (Depersonalization)  وتبدّد الواقع (Derealization) . وقد يبدو من الصعب في البداية استيعاب معناهما: ما المقصود بتبدّد الشخصية؟ وماذا يعني تبدّد الواقع؟

تبدّد الشخصية هو الإحساس بالانفصال عن نفسك، وكأنك تراقب أفكارك أو جسدك من الخارج.
مثال: شخص يعاني من اضطراب القلق الشديد يشعر وكأنه لا يعيش داخل جسده، بل يراقب نفسه من بعيد.

تبدّد الواقع هو الإحساس بأن العالم المحيط ليس حقيقيًا أو كأنه مشوّه وضبابي.
مثال: مريض باضطراب الكرب التالي للصدمة (PTSD) قد يصف أن المكان من حوله يبدو وكأنه مشهد في حلم أو شاشة غير واضحة.

الفرق بين تبدّد الشخصية وتبدّد الواقع

  • في حالة تبدّد الشخصية يتركز الشعور على الانفصال عن الذات: "أنا لست أنا"، أو "كأنني خارج جسدي".

  • في حالة تبدّد الواقع يتركز الشعور على البيئة الخارجية: "العالم غير حقيقي"، أو "كل شيء يبدو كأنه حلم".

رغم اختلافهما، غالبًا ما يظهران معًا، وقد يتناوبان خلال نفس النوبة عند المريض.

 

ما الذي قد يسبب هذه الأعراض؟

تبدّد الشخصية وتبدّد الواقع يحدثان نتيجة اضطراب في طريقة عمل الدماغ على مستوى الإدراك والوعي بالذات والبيئة. في لحظة التوتر الشديد أو الصدمة، يدخل الدماغ في حالة "انفصال" (dissociation) لحماية الفرد من الانهيار النفسي. في هذه الحالة، يشعر الشخص وكأنه منفصل عن جسده أو أن العالم غير حقيقي، كآلية دفاعية تلقائية.

تبدّد الشخصية وتبدّد الواقع ليسا دائمًا اضطرابًا قائمًا بذاتهما، بل قد يظهران كأعراض ضمن أمراض نفسية أخرى:

  • اضطراب الكرب التالي للصدمة (PTSD): قد يعيش المصاب نوبات تبدّد واقع عند التعرض لمثير يذكّره بالحادثة، فيصف المكان حوله كأنه غير حقيقي.

  • اضطراب القلق العام أو نوبات الهلع: في قمة القلق قد يشعر الشخص أنه منفصل عن جسده (تبدّد شخصية) أو أن الأصوات من حوله بعيدة وغير طبيعية (تبدّد واقع).

  • الاكتئاب الشديد: أحيانًا يظهر في شكل فقدان الإحساس بالذات أو بالحياة اليومية كأنها فارغة ومسطحة.

  • اضطرابات الانفصال (Dissociative Disorders): حيث يكون تبدّد الشخصية والواقع من الأعراض الجوهرية.

 

ما هي عوامل الخطر؟

التعرض لمؤثرات سلبية قد يزيد عرضة الاصابة، مثل

التجارب صادمة:

مثل حوادث خطيرة، اعتداء، أو فقدان مفاجئ لشخص عزيز.

التوتر المزمن:

الحياة تحت ضغوط نفسية عالية قد تضعف قدرة الدماغ على الحفاظ على توازن الإدراك.

تعاطي المخدرات:

بعض المواد مثل الماريجوانا أو الكيتامين قد تُحدث أعراضًا مؤقتة تشبه تبدّد الشخصية والواقع.

الصدمات في عمر المبكر:

غالبًا ما يبدأ الاضطراب في أواخر الطفولة أو المراهقة، خاصة عند التعرض لصدمات نفسية مبكرة.

  • وجود تاريخ عائلي لاضطرابات القلق أو الاكتئاب.

كيف يتم التشخيص؟

غالبًا ما يبدأ الأمر بملاحظة الشخص نفسه للشعور الغريب بالانفصال، فيلجأ إلى الطبيب أو يشارك الأمر مع الأسرة أو الأصدقاء. في بعض الحالات، قد يكون المقربون أول من يلاحظ تكرار هذه الأعراض ويشجع المريض على طلب المساعدة.

عند رؤية المختص النفسي يأخذ عدة أمور بعين الاعتبار:

  • وصف المريض الدقيق لما يشعر به: هل الانفصال عن الذات (تبدّد شخصية) أم عن البيئة (تبدّد واقع).

  • مدة استمرار الأعراض: هل هي لحظات عابرة مرتبطة بتوتر شديد، أم نوبات متكررة تؤثر على الحياة اليومية.

  • شدة تأثيرها: هل تمنع الشخص من العمل، الدراسة، أو الحفاظ على علاقاته.

قبل الوصول إلى التشخيص النهائي يقوم الطبيب ب:

  • استبعاد الحالات الجسدية أو العصبية مثل الصرع أو أورام الدماغ التي قد تسبب أعراضًا مشابهة.

  • التأكد من عدم وجود تأثير للمخدرات أو الأدوية التي قد تُحدث حالة انفصالية.

  • تقييم وجود اضطرابات نفسية أخرى مثل اضطراب القلق، الاكتئاب، اضطراب الكرب التالي للصدمة، أو الاضطرابات التفككية.

وبما أن تبدّد الشخصية وتبدّد الواقع هما في الأساس أعراض، فإن التشخيص الذي يضعه الأخصائي يكون غالبًا للاضطراب النفسي الكامن الذي يقف خلف هذه التجربة.

 

ما هو العلاج؟

علاج تبدّد الشخصية وتبدّد الواقع يركّز بالأساس على معالجة الاضطراب النفسي الكامن أو الظروف التي تسبّب هذه الأعراض، بدل الاكتفاء باستهداف العرض نفسه.

العلاج النفسي

العلاج المعرفي السلوكي (CBT):

يستخدم بشكل واسع عند المرضى الذين يعانون من اضطرابات القلق أو نوبات الهلع، إذ يساعد على إعادة تفسير الأفكار المقلقة وتقليل نوبات الانفصال.

العلاج الموجّه للصدمة:

فعّال في حالات اضطراب الكرب التالي للصدمة (PTSD)، حيث يربط المريض بين الصدمة السابقة وتجربته الحالية ويطوّر استراتيجيات للتعامل معها.

العلاج بالحديث:

 يُفيد في الاكتئاب واضطرابات التفكك، لأنه يوفر مساحة للتعبير عن المشاعر وإعادة بناء الإحساس بالذات.

العلاج الدوائي

مضادات الاكتئاب:

قد تُستخدم عندما يكون العرض مرتبطًا بـ الاكتئاب أو القلق العام.

مثبّتات المزاج:

 تُفيد في حالات اضطراب ثنائي القطب التي تترافق مع نوبات تبدّد.

أدوية مضادة للقلق:

قد توصف لفترات قصيرة إذا كان القلق المفرط وراء النوبات.

شارك المقالة

مقالات مقترحة

الكلمات المفتاحية

اضطرابات نفسية

القلق

التوتر