ما هو الارتياب؟

اسم الكاتب

الفريق الطبي

مدة القراءة

2 د

Image

ما هو الارتِياب؟

هل صادفت يومًا أحدًا يستمتع بمتابعة نظريات المؤامرة أو التحليل المبالغ فيه للأحداث؟ في بعض الأحيان قد يبدو ذلك مثيرًا أو مسلّيًا، لكن حين يتحول هذا التفكير إلى قناعة راسخة بأن الآخرين يتآمرون عليك شخصيًا، أو أن كل موقف عابر يخفي وراءه تهديدًا، فإن الأمر لم يعد مجرد فضول، بل قد يشير إلى حالة مرضية تُسمى الارتِياب.

الارتِياب هو شعور دائم وغير عقلاني بالخوف أو الشك في نوايا الآخرين، غالبًا دون وجود أدلة حقيقية. وهو يختلف عن الحذر الطبيعي، لأنه يتجاوز الحدود ليصبح مصدر قلق ومعاناة ويؤثر في الحياة اليومية والعلاقات الاجتماعية.

كيف يبدو الارتياب؟

يظهر الارتياب كعرض لاضطرابات نفسية بأشكال متعددة

اضطراب الشخصية الارتيابية:

يشعر فيه الشخص بالشك المستمر في نوايا الآخرين، ويفسر أفعالهم على أنها محاولات خفية للإساءة أو الاستغلال.
مثال: موظف يعتقد أن زملاءه يتآمرون لطرده من العمل رغم عدم وجود أي دليل.

الاضطراب التوهّمي الاضطهادي:

يتمثل في أوهام ثابتة بأن الآخرين يتعمدون إيذاءه أو مراقبته.
مثال: شخص يعتقد أن الجيران يضعون أجهزة تجسس داخل منزله لمتابعة تحركاته.

الفصام الارتيابي:

يُصاحبه أوهام اضطهادية شديدة وقد تترافق مع هلاوس سمعية أو بصرية وتشوش في التفكير.
مثال: مريض يسمع أصواتًا تخبره بأن هناك جماعة سرية تخطط لإيذائه.

ما هي أسباب الارتياب؟

الارتِياب ينشأ من طريقة غير متوازنة في تفسير المواقف. الشخص المصاب قد يربط بين أحداث عادية ويعتبرها أدلة على تهديد أو مؤامرة. أي إشارة بسيطة تُفسَّر على أنها دليل على نية سيئة. هذه الآلية تجعل الدماغ في حالة تأهب دائم، وكأن الخطر حاضر في كل مكان، حتى من دون دليل ملموس.

الاضطرابات النفسية المرتبطة

  • اضطراب الشخصية الارتيابية.

  • الاضطراب التوهّمي (النوع الاضطهادي).

  • الفصام الارتيابي.

  • اضطراب ثنائي القطب 

  • الاضطرابات الناجمة عن الصدمات أو إساءة الطفولة التي قد تترك الشخص في حالة دائمة من الحذر المفرط.

ما هي عوامل الخطر؟

  • وجود تاريخ عائلي للذهان أو الاضطرابات الذهانية.

  • التعرض لصدمات نفسية مبكرة أو بيئة مليئة بعدم الأمان.

  • تعاطي المخدرات أو الكحول، خصوصًا الأمفيتامينات والحشيش، التي قد تزيد الأعراض الارتيابية.

  • العزلة الاجتماعية والشعور بالرفض أو التهميش.

  • الضغوط الحياتية الشديدة التي قد تؤدي إلى فقدان الثقة بالآخرين.

كيف يتم التشخيص؟

تشخيص الارتِياب ليس أمرًا بسيطًا، لأنه يبدأ غالبًا بملاحظة السلوك من قِبل الآخرين. قد يلاحظ أفراد الأسرة، الأصدقاء، أو حتى المعلّمون أن الشخص أصبح شديد الريبة، يفسر المواقف البسيطة على أنها تهديد، أو يبتعد عن الآخرين خوفًا من مؤامرات متخيّلة.

عندما يصل الأمر إلى طلب المساعدة الطبية، يبدأ الطبيب عادةً بفحوصات جسدية لاستبعاد الأسباب العضوية أو تأثير الأدوية والمخدرات. بعد ذلك يُحال المريض إلى أخصائي نفسي أو طبيب نفسي لإجراء تقييم سريري دقيق.

التشخيص يعتمد على:

  • وجود أفكار ثابتة وغير عقلانية حول نوايا الآخرين.

  • مدة استمرار هذه الأفكار وتأثيرها في الحياة اليومية.

  • استبعاد الاضطرابات الطبية أو العصبية أو التسمم بالمخدرات.

كيف يتم العلاج؟

يختلف العلاج حسب الاضطراب و الحالة، لكنه يتضمن

العلاج النفسي

العلاج المعرفي السلوكي:

يساعد على تحدي الأفكار المشوهة وتصحيح المعتقدات الخاطئة عن نوايا الآخرين.

العلاج الداعم:

يركز على بناء علاقة ثقة بين المعالج والمريض، وهي خطوة أساسية لأن المصاب بالارتِياب يميل لعدم الثقة بالآخرين.

العلاج الأسري أو الجماعي:

يساهم في توعية الأسرة بكيفية التعامل مع المريض ودعمه بدل الدخول في صراعات تزيد من شكوكه.

 

العلاج الدوائي

مضادات الذهان:

 تُستخدم في الحالات المترافقة مع الفصام أو الأوهام الثابتة.

مضادات الاكتئاب أو مثبتات المزاج:

قد توصف عند وجود اضطرابات مصاحبة مثل الاكتئاب أو ثنائي القطب.

متى يجب طلب المساعدة؟

من المهم طلب المساعدة المتخصصة إذا ظهرت العلامات التالية:

  • استمرار الشكوك والأفكار الارتِيابية بشكل يومي رغم عدم وجود أدلة.

  • تأثير الارتِياب سلبًا على العلاقات الأسرية أو الصداقات أو العمل.

  • الانعزال الاجتماعي أو فقدان الثقة بالجميع.

  • ظهور سلوكيات دفاعية أو عدوانية بدافع الحماية من مؤامرات متخيلة.

  • ترافق الأعراض مع اضطرابات أخرى مثل الاكتئاب أو القلق أو الإدمان.

التوجه للطبيب النفسي لا يعني فقدان السيطرة، بل هو خطوة أساسية لفهم الأعراض والبدء بخطة علاجية تساعد على استعادة التوازن والثقة بالآخرين.

 

شارك المقالة

مقالات مقترحة

الكلمات المفتاحية

اضطرابات نفسية